وسط كارثة إنسانية.. قوات الدعم السريع تقتل مدنيين فارّين من الحصار بدارفور
وسط كارثة إنسانية.. قوات الدعم السريع تقتل مدنيين فارّين من الحصار بدارفور
تواصل الحرب المدمرة في السودان التي دخلت شهرها الثامن والعشرين إزهاق الأرواح وتفاقم واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يجد المدنيون في إقليم دارفور أنفسهم محاصرين بين نيران المعارك والجوع وانعدام الأمان.
وفي مشهد يعكس خطورة الوضع، أعلنت جمعية "محامو الطوارئ" الحقوقية، اليوم الاثنين، أن قوات الدعم السريع ارتكبت مجزرة جديدة، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 14 مدنياً أثناء محاولتهم الفرار من منطقة محاصرة شمال غرب مدينة الفاشر.
وقعت الحادثة المروّعة يوم السبت في قرية قرني، بعد يومين فقط من دعوة صادرة عن الإدارة السياسية لقوات الدعم السريع لسكان الفاشر بإخلاء المدينة والتوجّه إلى القرية نفسها، وسط وعود كاذبة بتأمينهم.
ووفق الجمعية الحقوقية، فقد أسفر الهجوم عن إصابة العشرات واعتقال عدد غير معلوم من المدنيين، في حين كانت العائلات تحاول النجاة من ظروف الحصار القاسية والمعارك المتصاعدة في عاصمة ولاية شمال دارفور.
وتؤكد منظمات الإغاثة أن مئات الآلاف من سكان الفاشر يعيشون في أوضاع إنسانية كارثية، حيث انعدمت تقريباً المساعدات الغذائية والطبية، واضطر السكان للاعتماد على أعلاف الحيوانات للبقاء على قيد الحياة، قبل أن تُعلن في الأسبوع الماضي ندرة هذه المواد أيضاً.
حصار ومعارك مستمرة
تحاصر قوات الدعم السريع مدينة الفاشر منذ مايو 2024، في محاولة لانتزاعها من الجيش السوداني، في معركة مصيرية قد تعني سقوط كامل إقليم دارفور في قبضتها إذا نجحت.
وشهدت المنطقة منذ بداية الحرب في أبريل 2023 تصاعداً للانتهاكات بحق المدنيين، شملت الحصار الممنهج، حرق القرى ومخيمات النازحين، والعنف الجنسي الواسع النطاق، وهي أفعال تصفها منظمات حقوق الإنسان بأنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ورغم مزاعم قوات الدعم السريع بأنها وفرت ممرات آمنة لآلاف المدنيين خلال الأشهر الماضية، تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن النازحين الذين يصلون إلى مناطق أخرى، مثل مدينة طويلة، يواجهون أوضاعاً مأساوية، بما في ذلك تفشي وباء الكوليرا، بعد أن كانوا ضحايا لهجمات وحشية على مخيماتهم.
عنف على أساس عرقي
يعد إقليم دارفور من أكثر المناطق دموية في تاريخ السودان الحديث، إذ شهد منذ عام 2003 حرباً أودت بحياة مئات الآلاف ونزوح الملايين، في صراع اتسم منذ بداياته بالعنف الممنهج على أساس عرقي.
ومع اندلاع النزاع الحالي بين الجيش وقوات الدعم السريع في 2023، عادت دارفور لتكون بؤرة للفظائع، حيث تستهدف الهجمات قرى بكاملها على أساس الهوية، ما يعيد إلى الأذهان مشاهد الإبادة التي شهدها الإقليم قبل عقدين.
وتطالب الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والمنظمات الحقوقية الدولية بضرورة وقف فوري للأعمال العدائية في الفاشر ودارفور، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، وفتح تحقيقات دولية مستقلة في الانتهاكات المرتكبة، ومحاسبة المسؤولين عنها أمام العدالة الدولية.
وتحذر وكالات الإغاثة من أن استمرار الحصار والهجمات سيؤدي إلى كارثة إنسانية شاملة، مع خطر المجاعة والأوبئة ونزوح مئات الآلاف إلى مناطق أكثر هشاشة.